فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَإِن يقاتلوكم يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الرازي:

قال الزجاج: قوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} ظاهر الخطاب فيه مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه عام في كل الأمة، ونظيره قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام} [البقرة: 183] {كتب عَلَيْكُم القصاص} [البقرة: 178] فإن كل ذلك خطاب مع الحاضرين بحسب اللفظ، ولكنه عام في حق الكل كذا هاهنا. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
هذه الخيرية لها مواصفات وعناصر: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله}. فإن تخلف عنصر من هذه العناصر، انحلت عنكم الخيرية، فالخيرية لكم بأشياء هي: أمر بالمعروف. نهى عن المنكر. إيمان بالله.
وساعة تسمع كلمة معروف ومنكر فإنك تجد أن اللفظ موضوع في المعنى الصحيح، فالمعروف هو ما يتعارف الناس عليه ويتفاخرون به، ويَسُرُّ كل إنسان أن يعرف الآخرون عنه. والمنكر هو الذي ينكره الناس ويخجلون منه، فمظاهر الخير يحب كل إنسان أن يعرفها الآخرون عنه، ومظاهر الشر ينكرها كل إنسان.
إن مظاهر الخير محبوبة ومحمودة حتى عند المنحرف. فاللص نفسه عندما يوجد في مجلس لا يعرفه فيه أحد، ويسمع أن فلانًا قد سرق فإنه يعلن استنكاره لفعل اللص، أنه أمر منكر، حتى وإن كان هو يفعله. وهكذا تعرف أن المعروف والمنكر يخضعان لتقدير الفطرة. والفطرة السليمة تأتي للأمور الخيرة، وتجعلها متعارفا عليها بين الناس، وتنكر الفطرة السليمة الأمور المنكرة، حتى ممن يفعلها.
ويورد الله مسألة الإيمان بالله من بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لماذا؟ لأنه من الجائزة أن يوجد إنسان له صفات الأريحية والإنسانية ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، ويصنع الخير، ويقدم الصدقات، ويقيم مؤسسات رعاية للمحتاجين والعاجزين سواء كانت صحية أو اقتصادية، لكنه يفعل ذلك من زاوية نفسه الإنسانية، لا من زاوية منهج الله، فيكون كل ما يفعله حابطا ولا يُعتَرفُ له بشيء لأنه لم يفعل ذلك في إطار الإيمان بالله، ولذلك فلا تظن أن الذي يصنع الخير دون إيمان بالله؛ فالله يجازي من كان على الإيمان به، وأن يكون الله في بال العبد ساعة يصنع الخير. فمن صنع خيرا من أجل الشهامة والإنسانية والجاه والمركز والسمعة فإنه ينال جزاءه ممن عمل له، ومادام قد صنع ذلك من أجل أن يقال عنه ذلك فقد قيل، وهو ما يبيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «إن أول الناس يُقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملتَ فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرّفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرّفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت في سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقتُ فيها. قال: كذبت ولكنك فعلت ليُقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر فسحب على وجهه ثم أُلقي في النار».
إنه ينال جزاء عمله من قول الناس، لكن الله يجازي في الآخرة من كان الله في باله ساعة أن عمل. لذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].
إن المؤمن يفعل العمل الصالح، ويعلن أنه يفعل ذلك لأنه من المسلمين، أنه لا يفعل الخير، لأنه شيوعي، أو وجودي، أو إنساني إلخ، فمهما صنع إنسان من الخير، وترك الاعتراف بالله فخيانة الكفر تفسد كل عمل. لأنه جحد وأنكر خالقه وكفر به، والذي يعمل خيرا من أجل أحدٍ فلينل من هذا الأحد جزاء هذا العمل.
وهنا في هذه الآية، أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وإيمان بالله. ولكن ما الذي يجعلهم لا يؤمنون بالله وإن عملوا معروفا؟ أنه حرصهم على الجاه الزائف، فلمّا جاء الإسلام، ظن أهل الجاه في الديانات الأخرى أن الإسلام سيسلبهم الجاه والسلطة والمكانة والمنافع التي كانوا يحصلون عليها، وكان من حماقة بعضهم أن باعوا الجنة على الأرض وخافوا على المركز والجاه والمنافع، وكان ذلك من قلة الفطنة، فالحق يقول: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110].
فلو آمنوا لظل لهم الجاه والسلطة في ضوء الإيمان بالله، فلا تجارة بالدين، وكانوا سيحصلون على أجرهم مرتين، أجر في الدنيا، وأجر في الآخرة، أو أجر على إيمانهم بنبيهم، وأجر آخر لإيمانهم برسول الله، ولكن هل معنى هذا القول أن أهل الكتاب لم يؤمنوا؟ لا، إن بعضهم قد آمن، فالحق سبحانه وتعالى يؤرخ لهم تأريخا حقيقيا فيقول سبحانه: {مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} وكان القياس أن يأتي وصف بعضهم بالإيمان، وأن يكون غيرهم من أبناء ملتهم كافرين، لأن الإيمان يقابله الكفر، لكن الحق يحدد المعنى المناسب لفعلهم فيقول: {وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.
إن الحق سبحانه وتعالى الذي يتكلم فيورد كل كلمة بمنتهى الدقة، فهناك فرق بين أن تكفر وليس عندك مقدمات الإيمان وأدلته، وأن تكفر وأنت تعرف مقدمات الإيمان كقراءة التوراة والإنجيل.
لقد قرأ أهل الكتاب التوراة والإنجيل ورأوا الآيات البينات وعرفوا البشارات؛ لذلك فهم عندما كفروا برسول الله، فسقوا أيضا مع الكفر. إن الذي كفروا برسول الله من أهل الكتاب هم فاسقون حتى في كفرهم، لأن مقتضى معرفتهم للبشارات والآيات أن يعلنوا الإيمان برسالة رسول الله، فالواحد منهم ليس كافرا عاديا، بل هو فاسق حتى في الكفر؛ لأنه عرف الحق، ثم خرج وفسق عنه.
وما دام الحق قد قال: {مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} إذن ماذا يفعل المؤمن منهم مع الفاسق؟ سيتربص الفاسقون وهم الأكثرية في اليهودية والنصرانية بالأقلية المؤمنة ليوقعوا بهم الأذى والضرر، ويقول الحق سبحانه: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}. اهـ.

.تفسير الآية رقم (111):

قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما كانت مخالفة الأكثر قاصمة خفف عن أوليائه بقوله: {لن يضروكم} ولما كان الضر- كما تقدم عن الحرالي- إيلام الجسم وما يتبعه من الحواس، والأذى إيلام النفس وما يتبعها من الأحوال، أطلق الضر هنا على جزء معناه وهو مطلق الإيلام، ثم استثنى منه فقال: {إلا أذى} أي بألسنتهم، وعبر بذلك لتصوير مفهومي الأذى والضر ليستحضر في الذهن، فيكون الاستثناء أدل على نفي وصولهم إلى المواجهة {وإن يقاتلوكم} أي يومًا من الأيام {يولوكم} صرح بضمير المخاطبين نصًا في المطلوب {الأدبار} أي انهزامًا ذلًا وجبنًا.
ولما كان المولي قد تعود له كرة بعد فرة قال- عادلًا عن حكم الجزاء لئلا يفهم التقييد بالشرط مشيرًا بحرف التراخي إلى عظيم رتبة خذلانهم-: {ثم لا ينصرون} أي لا يكون لهم ناصر من غيرهم أبدًا وإن طال المدى، فلا تهتموا بهم ولا بأحد يمالئهم من المنافقين، وقد صدق الله ومن أصدق من الله قيلًا! لم يقاتلوا في موطن إلا كانوا كذلك. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما رغب المؤمنين في التصلب في إيمانهم وترك الالتفات إلى أقوال الكفار وأفعالهم بقوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} رغبهم فيه من وجه آخر، وهو أنهم لا قدرة لهم على الاضرار بالمسلمين إلا بالقليل من القول الذي لا عبرة به، ولو أنهم قاتلوا المسلمين صاروا منهزمين مخذولين، وإذا كان كذلك لم يجب الالتفات إلى أقوالهم وأفعالهم، وكل ذلك تقرير لما تقدم من قوله: {إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مّنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} [آل عمران: 100] فهذا وجه النظم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

قوله: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً} معناه: أنه ليس على المسلمين من كفار أهل الكتاب ضرر وإنما منتهى أمرهم أن يؤذوكم باللسان، إما بالطعن في محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وإما بإظهار كلمة الكفر، كقولهم: {عُزَيْرٌ ابن الله} [التوبة: 30] و{المسيح ابن الله} [التوبة: 30] و{الله ثالث ثلاثة} [المائدة: 73] وإما بتحريف نصوص التوراة والإنجيل، وإما بإلقاء الشبه في الأسماع، وإما بتخويف الضعفة من المسلمين، ومن الناس من قال: إن قوله: {إِلاَّ أَذىً} استثناء منقطع وهو بعيد، لأن كل الوجوه المذكورة يوجب وقوع الغم في قلوب المسلمين والغم ضرر، فالتقدير لا يضروكم إلا الضرر الذي هو الأذى، فهو استثناء صحيح، والمعنى لن يضروكم إلا ضررًا يسيرًا، والأذى وقع موقع الضرر، والأذى مصدر أذيت الشيء أذى. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى} يعني كذبهم وتحريفهم وبُهْتَهم؛ لا أنه تكون لهم الغَلَبَة؛ عن الحسن وقتادة.
فالاستثناء متَّصِل، والمعنى لن يضروكم إلاَّ ضرًا يسيرًا؛ فوقع الأذى موقع المصدر.
فالآية وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، أن أهل الكتاب لا يغلبونهم وأنهم منصورون عليهم لا ينالهم منهم اصطلام إلاَّ إيذاء بالبهت والتحريف، وأما العاقبة فتكون للمؤمنين.
وقيل: هو منقطع، والمعنى لن يضروكم ألْبَتّة، لكن يؤذونكم بما يُسمِّعونكم.
قال مقاتل: إن رءوس اليهود: كعب وعديّ والنعمان وأبو رافع وأبو ياسر وكنانة وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنيهم: عبد الله بن سلام وأصحابه فآذوهم لإسلامهم؛ فأنزل الله تعالى: {لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى} يعني باللسان، وتَمّ الكلام. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَإِن يقاتلوكم يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}:

.قال الفخر:

{وَإِن يقاتلوكم يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} وهو إخبار بأنهم لو قاتلوا المسلمين لصاروا منهزمين مخذولين {ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} أي إنهم بعد صيرورتهم منهزمين لا يحصل لهم شوكة ولا قوة ألبتة، ومثله قوله تعالى: {وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} [الحشر: 12] قوله: {قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إلى جَهَنَّمَ} [آل عمران: 12] وقوله: {نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} [القمر: 44، 45] وكل ذلك وعد بالفتح والنصرة والظفر. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدبار} يعني منهزمين، وتمّ الكلام.
{ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} مستأنف؛ فلذلك ثبتت فيه النون.
وفي هذه الآية معجزة للنبيّ عليه السَّلام؛ لأن من قاتله من اليهود ولاه دبره. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار}، هذه مبالغة في عدم مكافحة الكفار للمؤمنين إذا أرادوا قتالهم، بل بنفس ما تقع المقابلة ولوا الأدبار، فليسوا ممن يغلب ويقتل وهو مقبل على قرنه غير مدبر عنه.
وهذه الجملة جاءت كالمؤكدة للجملة قبلها، إذ تضمنت الأخبار أنهم لا تكون لهم غلبة ولا قهر ولا دولة على المؤمنين، لأنّ حصول ذلك إنما يكون سببه صدق القتال والثبات فيه، أو النصر المستمد من الله، وكلاهما ليس لهم.
وأتى بلفظ الإدبار لا بلفظ الظهور، لما في ذكر الإدبار من الإهانة دون ما في الظهور، ولأن ذلك أبلغ في الانهزام والهرب.
ولذلك ورد في القرآن مستعملًا دون لفظ الظهور لقوله تعالى: {سيهزم الجمع ويولون الدبر} {ومن يولهم يومئذ دبره} ثم لا ينصرون: هذا استئنافُ إخبار أنّهم لا ينصرون أبدًا.
ولم يشرك في الجزاء فيجزم، لأنه ليس مرتبًا على الشرط، بل التولية مترتبة على المقاتلة.
والنصر منفى عنهم أبدًا سواء قاتلوا أم لم يقاتلوا، إذ منع النصر سببه الكفر.
فهي جملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء، كما أن جملة الشرط والجزاء معطوفة على لن يضروكم إلا أذى.
وليس امتناع الجزم لأجلهم كما زعم بعضهم زعم أن جواب الشرط يقع عقيب المشروط.
قال:
وثم للتراخي، فلذلك لم تصلح في جواب الشرط.
والمعطوف على الجواب كالجواب وما ذهب إليه هذا الذاهب خطأ، لأن ما زعم أنه لا يجوز قد جاء في أفصح كلام.
قال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} فجزم المعطوف بثم على جواب الشرط.
وثمَّ هنا ليست للمهلة في الزمان، وإنما هي للتراخي في الأخبار.
فالإخبار بتوليهم في القتال وخذلانهم والظفر بهم أبهج وأسرّ للنفس. اهـ.

.قال الألوسي:

وفي هذه الآية دلالة واضحة على نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ولكونها من الأخبار بالغيب الذي وافقه الواقع لأن يهود بني قينقاع وبني قريظة والنضير ويهود خيبر حاربوا المسلمين ولم يثبتوا ولم ينالوا شيئًا منهم ولم تخفق لهم بعد ذلك راية ولم يستقم أمر ولم ينهضوا بجناح. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {ثم لا ينصرون} احتراس أي يولوكم الأدبار تولية منهزمين لا تولية متحرّفين لقتال أو متحيّزين إلى فئة، أو متأمّلين في الأمر.
وفي العدول عن جعله معطوفًا على جملة الجواب إلى جعله معطوفًا على جملتي الشرط وجزائه معًا، إشارة إلى أنّ هذا ديدنهم وهجيراهم.
لو قاتلوكم، وكذلك في قتالهم غيركم.
وثمّ لترتيب الأخبار دالّة على تراخي الرتبة.
ومعنى تراخي الرتبة كون رتبة معطوفها أعظم من رتبة المعطوف عليه في الغرض المسوق له الكلام.
وهو غير التّراخي المجازي، لأن التّراخي المجازي أن يشبَّه ما ليس بمتأخّر عن المعطوف بالمتأخّر عنه.
وهذا كلّه وعيد لهم بأنهم سيقاتلون المسلمين، وأنّهم ينهزمون، وإغراء للمسلمين بقتالهم. اهـ.